الهيموجلوبين مفتاح الحياة و صحة الدم

عندما يقوم الطبيب بطلب تحليل دم روتيني غالبًا ما يكون الهيموجلوبين (Hemoglobin) أحد أهم المؤشرات التي يتم فحصها. ورغم أن الاسم قد يبدو معقدًا للبعض إلا أن الهيموجلوبين في الحقيقة هو بطل أساسي في جسم الإنسان فهو المسؤول عن نقل الأكسجين من الرئتين إلى جميع خلايا الجسم و إرجاع ثاني أكسيد الكربون إلى الرئتين للتخلص منه.
الهيموجلوبين ليس مجرد بروتين دموي بل هو صمام الأمان لصحتنا فارتفاعه أو انخفاضه عن المستويات الطبيعية يمكن أن يشير إلى مشاكل صحية خطيرة تحتاج إلى متابعة.
في هذا المقال سنأخذك في رحلة مبسطة لفهم:
ما هو الهيموجلوبين؟
لماذا هو مهم جدًا؟
ما هي مستوياته الطبيعية؟
وماذا يحدث عند زيادته أو نقصه؟
—
ما هو الهيموجلوبين
الهيموجلوبين هو بروتين معقد يوجد داخل كريات الدم الحمراء يتكون من أربعة سلاسل بروتينية (غلوبين) مرتبطة بجزيئات صغيرة تسمى “الهيم” و التي تحتوي على عنصر الحديد. هذا الحديد هو ما يمنح الدم لونه الأحمر المميز كما أنه الجزء المسؤول عن الارتباط بالأكسجين.
باختصار:
الهيم = الجزء الحديدي الذي يرتبط بالأكسجين.
الغلوبين = البروتين الذي يحمل جزيئات الهيم.
من خلال هذه التركيبة يصبح الهيموجلوبين قادرًا على حمل الأكسجين من الرئتين و توزيعه على كل خلايا الجسم.
أهمية الهيموجلوبين للجسم
وجود الهيموجلوبين بكميات مناسبة ضروري جدًا للحياة و هذه بعض أهم وظائفه:
1. نقل الأكسجين 🫁
ينقل الأكسجين من الرئتين إلى أنسجة و خلايا الجسم و بذلك يضمن عمل الدماغ و القلب و العضلات بكفاءة.
2. التخلص من ثاني أكسيد الكربون
يحمل ثاني أكسيد الكربون (الناتج عن عمليات الجسم) من الخلايا إلى الرئتين ليُطرح مع الزفير.
3. الحفاظ على درجة الحموضة (pH) في الدم
يساعد على موازنة درجة الحموضة مما يمنع الحموضة أو القلوية المفرطة.
4. دعم الطاقة و النشاط ⚡
عند وجود مستوى طبيعي منه يصل الأكسجين بكفاءة للخلايا مما ينعكس على النشاط الجسدي و الذهني.
المستويات الطبيعية للهيموجلوبين
تختلف المستويات الطبيعية حسب الجنس و العمر و هي كالتالي (حسب منظمة الصحة العالمية WHO):
الرجال البالغون: 13.8 – 17.2 جم/ديسيلتر.
النساء البالغات: 12.1 – 15.1 جم/ديسيلتر.
الأطفال: 11 – 16 جم/ديسيلتر (حسب العمر).
الرضع: 10 – 14 جم/ديسيلتر.
📌 ملاحظة: اختلاف طفيف في القيم قد يحدث بين مختبر وآخر.

انخفاض الهيموجلوبين (فقر الدم)
عندما ينخفض مستواه عن الطبيعي يكون الجسم غير قادر على إيصال كميات كافية من الأكسجين للخلايا و هذه الحالة تعرف بـ فقر الدم (Anemia).
أسباب انخفاض الهيموجلوبين
- نقص الحديد (الأكثر شيوعًا).
- نقص فيتامين B12 أو حمض الفوليك.
- فقدان دم (نزيف، دورة شهرية شديدة، قرحة معدية).
- أمراض مزمنة مثل الفشل الكلوي.
- مشاكل في نخاع العظم (ضعف إنتاج كريات الدم الحمراء).
أعراض انخفاض الهيموجلوبين
- التعب والإرهاق المستمر.
- شحوب الوجه والجلد.
- ضيق التنفس عند الجهد.
- دوخة أو صداع متكرر.
- تساقط الشعر وضعف الأظافر.
مضاعفات فقر الدم
- ضعف المناعة.
- تراجع القدرات العقلية و كذلك التركيز.
- خطر على الحمل (إجهاض أو ولادة مبكرة).
- مشاكل في القلب (خفقان أو فشل قلبي عند الحالات الشديدة).
ارتفاع الهيموجلوبين
على عكس فقر الدم قد ترتفع مستويات الهيموجلوبين عن الطبيعي مما يعني أن الدم أصبح أكثر “لزوجة” و هذا قد يزيد من خطر تكوّن الجلطات.
أسباب ارتفاعه
- العيش في مناطق مرتفعة (قلة الأكسجين في الجو).
- التدخين.
- الجفاف (يقل السائل في الدم فيبدو الهيموجلوبين أعلى).
- أمراض الرئة المزمنة.
- بعض اضطرابات نخاع العظم (Polycythemia vera).
أعراض ارتفاعه
- صداع متكرر.
- دوخة وتشوش الرؤية.
- احمرار الجلد والوجه.
- ارتفاع ضغط الدم.
مضاعفات ارتفاعه
- الجلطات الدموية.
- السكتة الدماغية أو النوبة القلبية.
- مشاكل في الكبد أو الطحال.
كيف نحافظ على مستوى صحي للهيموجلوبين؟
1. التغذية السليمة 🥩🥬
- تناول أطعمة غنية بالحديد مثل: الكبد و اللحوم الحمراء و السبانخ و كذلك البقوليات.
- الحصول على فيتامين C (مثل البرتقال و الليمون) لأنه يساعد على امتصاص الحديد.
- تناول مصادر فيتامين B12 و حمض الفوليك (البيض و الحليب و أيضا الخضار الورقية).
2. تجنب فقدان الدم غير الضروري
- علاج القرحة أو النزيف في الجهاز الهضمي.
- متابعة الدورة الشهرية عند النساء خاصة إذا كانت غزيرة جدًا.
3. الإقلاع عن التدخين
لأنه يرفع مستويات الهيموجلوبين بشكل غير صحي.
4. شرب كمية كافية من الماء
5. الفحص الدوري للدم
للكشف المبكر عن أي خلل في مستوى الهيموجلوبين.
متى يجب زيارة الطبيب؟
- إذا ظهرت أعراض فقر الدم (إرهاق شديد أو دوخة أو شحوب).
- عند وجود أعراض مثل صداع مستمر أو ضيق تنفس أو احمرار الوجه.
- عند وجود تاريخ عائلي لأمراض الدم.
الخلاصة
الهيموجلوبين هو “ساعي البريد” الذي يحمل الأكسجين للحياة في كل خلية من خلايانا. أي خلل في مستواه سواء بالنقص أو الزيادة قد يؤثر على صحتنا بشكل مباشر. لذا الحفاظ على نظام غذائي متوازن و شرب الماء الكافي و المتابعة الطبية المنتظمة كلها خطوات أساسية لضمان بقاءه في مستواه المثالي.